الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

وأنا لست معي


على حافة الوجد أجلس.. ناظرا إلى أحلام تتسلق جرف الزمن
تتدلى همساتك في سرادق أفكاري
أتفيأ ظلالها بينما أسحب بخيوط شمسك
 دلاء الذاكرة من سحيق بئري 
أغسلها بماء حسنك فتشتعل المراهقة
بوريد ودع صباه وتنضج البراءة
في حدائق الحب فيلهج الزهر.. بالغناء

وعندما تلقين لؤلؤة في بحيرة الصمت
أغرق في ثرثرة دوائر النور
أمضي في ربوع قلبك
أذوب فيك.. حد التبخر
يجذبني الهوى إلى بهجة أوقاتك
أمتزج بشتاء ليلك وأنا أتساءل
كم تحتاج الرقصات وقتا 
كي تعترف أنها تهمس مع فراشات ينابيعك 

تحت ظلال المساء 
الصبح.. الريح.. كلنا
إليك نسابق المطر
وأنا لست معي

آذان صاغية

يتحدث عن ذلك المهجر من أرضه وماله بعد العدوان الصهيوني وهو يتلفت يمنة ويسرة كمن يدس في جيب أحدهم شيئا مسروقا.. واضعا رأسه بين رؤوسهم التي احتواها بيديه كي يمنع أية كلمة من النفاذ خارج الدائرة.. لم يحتمل المسكين النزول عن عرشه بين عشية وضحاها.. كعروس اختطفت في ليلة زفافها، بلمح البصر اختفت عشرات الدونمات المثمرة من حضنه،
ليجدها في أحضانهم مكبلة تصرخ وامعتصماه ...
كان قطافا من نوع آخر في ذلك اليوم؛ قطاف الخيبة والهزيمة ناضجتان، دون عناء!
لم يدر ما يفعل عندما عاد ووجد حطاما وركاما.. هل ينتشل أشلاء الجثث؟.. أم يفر بجسده؟.. أخذ يصرخ وينادي عليهم وهو يزيح التراب بأياد مصعوقة ترتجف، بالكاد تلوح بلا غاية، وعقله تحت الرماد يبحث عن حياة.. نَفَسٍ ولو كان كاذبا..
عندها جروه بالقوة إلى عاصمة عربية مجاورة، وهو بين هذيان حد الجنون ونار تمطر من مآقيه إلى داخله فتحرقه.. كان أقاربه يعتقلون الكلمة قبل أن تحرك أوتار حنجرته..
بداخله بركان.. بل براكين تحركها أرواح قطعت حبل الوصل.. متخلصة من جنة الأرض.. لتنعم بجنة السماء..
يتراكض في الأسواق الكئيبة باحثا عن سلوى، تمرغت صرخاته بإسفلت الشوارع وغبار الأزقة حتى تمزقت ملابسه..
وجد قطعة نقد في جيبه، لم يكن صعبا الحصول على زجاجة ملتهبة.. أخمدت ثورة جسده وأشعلت الكلام في فمه.. مبيوعة، والله مبيوعة.. باعوها وقبضوا ثمنها (كاش).. لا أصدق أنهم حاربوا.. رأيتهم كالدجاج من الثعلب يفرون..
رغم رجاء الناس لهم بتركه كونه كان يبحث عن وعيه المفقود، إلا أن التحذير أدار رؤوسهم نحو الملابس- المعروضة في (فترينات) الهموم- والخضار المستلقية على أرصفة الحزن.. ابتلعته سيارة لم يشاهدها أحد.. اقتادته بذلات.. ربما صـ... لم يرهم أحد!!..
ما زالوا يبحثون عنه..لكنه..غاب في فراغ لا يعرفه أحد...

مصطفى الصالح
23\11\2010

اجتياح الملائكة




- ألا ترى معي أن المنطقة الغربية بعيدة عن السماء؟

- بلى.. والمنطقة الشمالية ليست نقية فدماؤنا تلوثها

- حتى وسط المدينة يعج بالشياطين

- أعتقد أن حيُّنا أكثر أحياء المنطقة شفافية

- بل إن الطهر ليسكن شارعنا

- أجزم أن بيتانا هما أصفى البيوت في شارعنا

- لكنني أرى بعض الظلال على ثوبك!!..

مصطفى الصالح

جريمتي




ليست كلماتي

التي تتلونُ.. كالحرباء..

لحين لعق شهد سموم النصر

لم تتعرَّ من أسلافها

بغنج رائحة الحلوى

لجذبِ.. ذباب الأغراب

لا تزرعُ فسائلَ الفساد

في واحات الضمائر

لم تذق يوماً.. طعم التخاذل

ولم تتخذ من الجبنِ.. رداءً

حين يشتعل البردُ.. بأوردة البراكين


لست أنا.. من يتفيء ظلال الخديعة

عند هبوب المحن

تغريني حدائق الصمت.. رغم أشواكها

أبتلعُ مفاتيح الكلام الهارب من حوافر الغضب

أغوص في أعماق الحكمة.. بزعانف الهدوء لجلبِ

لآليء السكينة

بطيئا.. تنضج ثمار الصبر

وهذا سبب لذتها

كم ذبلت أمنياتي! وأنا.. أجمع حصى أحلامها

من صخور الفضاء


كلماتها الخجلى

سرعان ما تخلع ثوب البراءة

مَزَّقَتْ شفتيها.. بَعثرتْ قلبي

أشلاءً.. في دروب الذهول

صدري العاري يحتضن.. كل خناجرها

كما فعل بها عند العواصف



كان يحمل في جعبته

ظلام الأعاصير

بحرائق السخط المطرودة

من.. سهول السعادة

الممتدة على جسدي..

من أخمص الحب حتى.. سنام التحليق

اغتال زلزالها..

أشجار الحب اللاهثة خلف غيثها

بقنابل الأسى فخخ وديانها

اجتاح مملكة الفرح..

وجلس على عرشها


تبخر البصيص.. جرفته أمواج الشكوك

المتفجرة من تسونامي مقلتيها


لم أتوقع إقامة الحد على صدقي.. بمقصلة صدقي

لم تُبْقِ لها فيَّ

صدرا

ولا قلبا

ولا

موطيء قدم

فالسلام



مصطفى الصالح

12\11\2010

سوء فهم بالعامية







كان احمد تعبا ، تعبا جدا من السير على قدميه باحثا عن عمل هنا وهناك ، والكندرة ( لا مؤاخذه ) مش ولا بد ، والبنطلون وسط ، اما القميص فكان شبه جديد يلبسه فقط في المناسبات ومقابلات العمل ، وكان الجو حارا جدا والعرق يسيل من كافة المزاريب والحنفيات ، فاصبحت رائحته مثل ( الزفت ) من كثرة ما ( عرق ) ، وفوق هذا وذاك هو جائع وعطشان فاكتمل الوضع بهذه الاربعة ( تعبان وعرقان وجوعان وعطشان ) اضافة الى التعب النفسي من عدم ايجاد عمل وفوق ذلك كله فهو مفلس ليس في جيبه سوى ( بريزة )عشرة قروش لا تكفي لدخول احد المطاعم العادية وليست الفاخرة التي كان يمر بها اثناء تجواله ، فاصبح يمشي في الشارع يترنح قرفان حالو
وبينما هو يمشي مصطولا مش شايف االفضا اذ اصطدم بسيارة ليست بفاخرة وليست رخيصة يعني مسلكه حالها ، وهنا يجدر بي القول ان السيارة لم تصدمه بل هو الذي صدمها ، لانها كانت مصفوفة بطريقة عوجاء نصفها على الشارع والباقي على الرصبف ، وهو اصطدم بجزء معين من السيارة الا وهو الباب ؛ لانه كان مفتوحا لان السائق نزل بسرعة البرق متجها الى طبيب الاسنان في الدور فوق القهوة لانه كان يشكو من وجع اسنانه ؛
ووجع الاسنان صعب ومؤلم جدا كما تعرفون ، واذا استلم حدا ما بفلته بالساهل وقد يؤدي بالشخص الى خلع كل اسنانه ، وهنا تذكرت مقولة والدي - الله يرحمه - ( وجع يخلع نيعه ) اذا غضب على شخص او زعل منو
على كل ، مالنا بالطويله
قلنا انو هذا السائق المعمي ضوو من وجع اسنانه نزل من السيارة بسرعة تاركا الباب مفتوحا مع وصول صاحبنا الى الى نفس المكان ولم ينتبه صاحبنا الى باب السيارة المفتوح فاصطدم به فتشنكل القميص الجديد بباب السيارة فانمزع من بداية الكم الى عند الكتف
لا حول ولا قوة الا بالله حتى القميص الوحيد الكويس اللي بنقابل فيه الناس انمزع ... ... الله اكبر ...
فقام صاحبنا من الزعل خبط باب السيارة - اغلقه - بقوة كبيرة حتى ان كل من في القهوة سمع الصوت فانتبهوا ، وزي منتو عارفين اللي قاعدين بالقهوة اما ختيارية او ناس فاضية اشغال او الاثنين معا ؛ يعني ناس قاعدة للق الحكي ، بلشوا عاد يحكو
-مهو مال حرام ...
-لو كان تعبان فيها ما بعمل هيك
-ابصر من وين سارقها
-يا جماعة انا ما بحط بذمتي .. شكله نصاب محترف ..
-الله بعلم بجوز ظريب امواس .
...... الخ
و مع خبطة الباب انتبه صاحبنا وتراجع قليلا وبدا يمسح السيارة منشان اذا شافو صاحبها يفكر انو عمللو خدمة
وانتبه حوله ، فراى المقهى فقال في نفسو : خليني اشربلي كاسة شاي دبل بلكي ارووق شوي ، يللا مهي واقعة واقعة ـ فوق مهو غرقان الحقو دفشه
اتطلع كمان شوي فاذا بجانب القهوه خشة مطعم فلافل تحت بيت الدرج ، فقال آخذلي نص سندويشة فلافل بشلن وكاسة شاي نص الدبل بشلن وبعدين بروح مشي
ظرب ايدو ع الجيبة لاقى شلن وظرب ايدو ع الجيبة الثانية ملقاش الشلن الثاني ؛ مهي البريزة شلنين كان حاط في كل جيبة شلن منشان ما يخرخشن مع بعض ، لكن مع الاسف كانت الجيبة الثانية مخزوقة فوقع الشلن منها وما سمع صوته لانو مدووش .. فقال
هسا معاي شلن واحد .. اشرب شاي ولا آكل نص سندوش فلافل ؟
فكر شوي وقال : انا مش تعبان كثير انا فطسان من التعب ومش قادر اوقف على رجلي ولازم اقعد منشان اريحهن
والمطعم مثل مطعم ابو جبارة اللي تحت الدرج في اول المهاجرين - لمن يتذكره – فالمطعم مش مغري والقهوة فيها كراسي وطاولات – ربما –
وبعدين نص السندوش هو وقلتو واحد ما بشبع جاجة ، مهمو خسفو رغيف الخبز لصار قد البريزة ، تقول انو الواحد بشتريه منشان يحلف عليه
واخيرا قرر يخش القهوة ويشرب كاسة شاي نص الدبل
ووصل الى باب القهوة فاذا مهبول قاعد ع الارض بباب القهوة فقال له بنفتره : زييييييييح من الطريق
فصمت الجميع في القهوة وقال له الجرسون قوم يا ولد عن الباب خلي عمك يفوت فقام مسرعا وما ان دخل صاحبنا حتى رجع وجلس مكانه
القهوة عبارة عن مستطيل 2x 10 م والقهوجي عامل الكاونتر تبعه عند المدخل وفارد الكراسي والطاولا على طول المنطقة ، اما الكراسي فهي من نوع القش القديمة القصيرة جدا ولا يزيد ارةفاعها عن 25 سنتمتر يعني اللي قاعد عليها كانو قاعد على الارض لازم يفحج او يربع ! والطاولات عبارة عن تربيزات خشب واسعة شوي منشان لعب الشدة واعلى بقليل من الكراسي
قعد صاحبنا على طاولة جوه جوه يعني في اقصى القهوة عشان يبعد عن الضجة والازعاج ويريح راسو وطلب كاسة شاي نص الدبل سكر زيادة وما هي الا ثوان حتى كانت كاسة شاي صعيدي اسود و زي القطر على طاولته ، فيدا بارتشافها على مهل
ومع وصول كاسة الشاي لطاولته كانت شاحنة ملأى بالاقمشة من اجل مشغل الخياطة اللي فوق القهوة قد وصلت الى امام القهوة ولكنو ما قدر يصف لانو السيارة اللي ظربها صاحبنا صافة غلط فزمر شوي فلم يخرج اليه احد
فزمر كمان مرة اطول من الاولى فلم يخرج اليه احد
فزمر مرة ثالثة اطول من الاوليات فصاح الجرسون بالولد المهبول : ولك ليش هاظا بزمر ؟ شوف شو بدو
فراح المهبول وسال اللي قاعد بجنب السايق وهو صاحب مشغل الخياطة : شو مالك ليش بتزمر ؟
-مش انا اللي بزمر سايق السيارة هو اللي بزمر
-زمرا تزمر عليكو انتو الثنين وليش بزمر
-بتعرف صاحب السيارة هذي
-آه
-وينو
-ليش
-شاوي يشوي عرق لسانك ، مش شايف البكب محمل بظاعة وبدنا ننزلها ع المشغل
-طيب ما تنزلوها بدون ازعاج حدا مانعكو
-ولك نادي صاحب السيارة خليه يحركها منشان نصف البكب احسن ما نظل بنص الشارع ، وهاي السيارات بلشت توقف ورانا وتزمر
-زمره تزمر عليكو كلكو انا مش رح اناديه
-ولك ليش
-شكلو شراني
-طيب انا بنزللو وينو
-جوه بالقهوة قاعد بسكر
-خليني احكي معو
-اوعى تقرب عليه تراه عصبي وايدو فرطه ..! احسنلك جيبلز الشرطة ؟!
فقرر صاحب المشغل استدعاء الشرطة خاصة وان الشارع امتلأ بالسيارت خلف الشاحنة والكل يزمر ويصرخ
في هذه الاثناء حضر احد الشرطة باللباس المدني وطلع صديق صاحب المشغل فقال
-شو القصة ؟
-يا اخي واحد سكران رمى سيارتو بالشارع وخش ع القهوة يكمل سكرتو ومش راضي يشيل السيارة منشان نطلع البظاعة ع المشغل شو هالعالم
-وينو
-جوه بالقهوة
-خليني اشوفو بشيلها ولا اشيلو هو واياها ع الحجز وابلو بدن عمرو ما حلم فيه تراني متحمس لهيك نوعيات
وصاحبنا لسا قاعد جوة بالقهوة بمزمز ع الشاي وصاحب السيارة الاصلي لسا عند الدكتور ما نزل
فيدخل الشرطي الى القهوة متحمسا ويقف خلف صاحبنا
-ولك ليش ما تشيل السيارة ؟
ودون ان ينظر اليه ظن انه احد اصدقاءه يمازحه فرد عليه باستهزاء
-ليش اشيلها
-اي هو على خاطرك
-لعاد على خاطرك
-ولك قوم شيلها بلاش اوديك ع الحجز انت واياها
-بالله عن جد !
فيغضب الشرطي ويبدا ضربا به ، وبحضورة سيارة نجدة ودخول اثنين منهم الى القهوة فيتجمعوا على صاحبنا المسكين الذي تفاجأ من شدة الضرب ولم يسمحوا له بالكلام ثم اغمي عليه
ثم حملوه في سيارة الشرطة الى المخفر وبقيت مفاتيحه على الطاولة ولما اركبوه السيارة فتشو جيبه عن مفتاح السيارة فلم يجدوه ؟! ثم ذهبوا الى الطاولة حيث كان يجلس فوجدوا مفاتيحه فاخذوها وصاح من الداخل
-لقينا المفاتيح
فيخبر الشرطي سائق سيارة النجدة واثنين منهم ان ياخذوه الى المخفر ويستمرو في ضربه حتى يشوف (نجوم الظهر)
ويركض الجرسون فيحضر المفاتيح من على الطاولة ويسلمها الى الشرطي الواقف عند سيارة المشبوه
فيأخذ المفتاح منه ويدسه في باب السيارة لكنه يكتشف بعد ثواني ان باب السيارة مفتوح
ثم يحاول عبثا وضع احد المفاتيح في فتحة مفتاح التشغيل بلا فائدة حتى خرب مكان مفتاح التشغيل حتى انهم لو وجدو المفتاح الاصلي فلن يستطيعوا تشغيل السيارة
مضت اكثر من نصف ساعة منذ حضرت شاحنة القماش وبدا الديزل بالنفاد وكان الشرطي قد اخبر سائق البكب ان يلز شوي ع اليمين ويقدم شوي شوي خلف السيارة منشان يفتح طريق للسيارت اللي وراه ففعل حتى صار الطمبون ع الطمبون وتوقف الماتور عن الدوران بسبب نفاد الديزل فسحب الهندبريك وريح البكب ونزل
وما زال الشرطي يحاول تشغيل السيارة بلا فائدة
وفي هذه الاثناء تجمهر المارة والجيران وسائقو السيارات المتوقفة خلف البكب وكل يصيح من جهته وباعلى صوته
-يا عمي يللا خلصونا
ومنهم من يتكلم فيما بينهم بصوت خفيف
-شوف شوف .. شرطي ومش عارف يشغل سيارة ؟! يا عيب الشوم
واخيرا يقتنع الشرطي انو مفيش امل بتشغيل السيارة فيخبر سائق البكب ان يذهب وياخذلو لفة منشان يفتحو الشارع للمرور لبين ما يجيبو حدا يشغل السيارة فيخبره السائق ان هذا مستحيل لانو الديزل خلص
-طيب معناتو حط ايدك معاي خلينا ندحل السيارة لقدام شوي لبين ما انت تزرق وتفتح طريق للي وراك
-ماشي انت خليك ع الستيرنج وانا وكمان واحد بندفع السيارة
فيحضر السائق خمسة اشخاص اشداء من الورشة اللي ورا القهوة من اجل دفع السيارة الى الامام قليلا فظن هؤلاء انه يريد تعشيق السيارة فيخبرو الشرطي ان ينزل الهند ويحل الجير فيعطيهم اشارة انه فعل فينقضوا على السيارة ويدفعوها بقوة كبيرة فاجأت الشرطي حتى لم يستطع السيطرة عليها وكان لف الاطارات باتجاه الشارع كي لا تدخل المحلات المجاورة لكن السيارة عرضت ( وقفت بالعرض ) في منتصف الشارع ..؟؟!!!
وفورا كان سائق البكب جاهزا فدحل البكب على مهل حتى اوقفه في المكان المناسب وبدا تنزيل البضاعة
لكن مشكلة السير – المرور – لم تنحل بعد فبدل الشاحنة اصبحت السيارة الان في منتصف الشارع
فبدأ المتفرجون – الفاضيين شغل – يضحكون ويمرحون ع الفلم الحاصل وبدأوا بالتندر على الشرطي والسيارة والرجل الذي ضربوه فسمع الشرطي كلامهم فصرخ فيهم
-يللااااا امشو من هون خلينا نشوف شغلنا والا هسا بحبسكو كلكو
فزاد الضحك والتندر لكن احد السائقين المستعجلين كان قد اتصل بطواريء المرور وطلب منهم ونش لرفع السيارة من مكانها
وحضر الونش ولم يستطع المرور طبعا لان الشارع مغلق بسبب السيارات المزدحمة فاضطر الى الدوران من الجهة الاخرى والدخول بعكس السير ويبدا تحميل السيارة على ظهر السطحة
وفي هذه الاثناء تحضر سيارة النجدة التي اخذت صاحبنا الى المخفر وفيها مدير المخفر الذي يبدا بالكلام
-شو القصة لسا ما حليتو المشكلة ؟ اجتني تلفونات بالهبل من كبار المسؤولين ، انت بتعرف ان سيارة الوزير عالقة في هالميمعة
-لا يا سيدي ما بعرف لكن كلو بسبب واحد سكران ترك سيارتو بنص الشارع ، ان شاء الله اخذ نصيبه عندكم
-هو من ناحية اخذ نصيبو لكن من ناحية اخرى مش سكران
-اكيد يا سيدي ؟
-طبعا اكيد عملنالو فحص لكن بعد ما صحيناه بالميه الباردة وخمسة ظلوا يقدحز بيه لقال بكرة العيد ولما عملنالو فحص وسالناه ليش لما بقولولك شيل سيارتك ما بتشيلها ؟ قال انا ما عندي سيارة عشان اشيلها هذا شكل واحد عندو سيارة ؟
-لعاد سيارة مين هذي ؟
وفي هذه الاثناء ينزل صاحب السيارة من عند طبيب الاسنان سوء فهم






نزل صاحب السيارة من عند طبيب الاسنان وقد عادت اليه عافيته وتلاشى الم اسنانه ، وهدأ روعه ، وتوجه فورا الى المكان الذي اوقف فيه سيارته فلم يجدها ووجد مكانها الشاحنة المحملة بالقماش حيث يقوم بعض العاملين بتفريغ حمولتها ، فتجهم وجهه وتغيرت ملامحة

توجه الى اقرب شخص عند الشاحنة الشاب المعوق عقليا حيث كان يشاهد العمال وهم يفرغون حمولة الشاحنة




- شفت سيارتي

- اي سيارة

- اللي كانت واقفة هون محل البكب

- هذي مش سيارتك

- لعاد سيارة مين ؟

- سيارة السكران

- اي سكران

- الزلمة الشراني اللي صفها هون وقعد يسكر بالقهوة ومرظيش يشيلها فاخذته الشرطة للمخفر ونزلو فيه ظرب لما شاف قمر الظهر

- وبعدين

- اجت الشرطة وهيهم بيحملو بسيارتو ع السطحة ت يودوها ع الحجز عندو

- يا سلام وين السيارة

- هيهم قاعدين بيحملو فيها ع السطحة

وفي هذه الاثناء كان ينظر حوله ويتفقد الجموع المحتشدة وهي تنظر الى شيء ما هو لا يراه ويتكلمون بكلام كثير بعضهم بصوت عال والاخرون بالضحك والتندر

- يللا بسرعة يا شوفير السطحة تاخرنا

- صارلك ساعة مش عارف تحمل السيارة ! جرها يا اخي

- يا جماعة هذي السيارة لا بتنحمل ولا بتنجر لانو السيارة معرظة بالشارع ، لازم نعدلها اول تفظلو ساعدونا بتظبيط السيارة بدل ما تلقو حكي ملوش لازمة

ولما راى سائق الرافعة والمتجمهرين يحركون سيارته ويحاولون تعديل وضعها من اجل تحميلها ، طار صوابه مرة اخرى ، فتوجه سائق السيارة الى الرافعة وقال للسائق

- شو قاعد بتعمل

- شكلك محترم بس زي منتا شايف بنحمل السيارة ع السطحة

- ومين قللك حملها

- يا اخي ليش بتسال كثير ، شكلك غايب طوشة

- اه والله غايب طوشة !، كنت عند دكتور السنان وجيت لقيتك محرك سيارتي من محلها وقاعد بتحملها ع السطحة ، افرح وارقصلك ؟؟!! سرقة في عز الظهر

- اسمع يا افندي احنا لا بنسرق ولا بننهب احنا بنشتغل باوامر العسكري ، هيو هناك روح احكي معو

فيتوجه سائق السيارة الى الشرطي ويصيح صاحب الرافعة من خلفه

- هاظا بقول انو صاحب السيارة يا سيدي

- وينو ؟ تعال ! تعال يا حبيبي ! خذوه ع النظارة بسرعة ، وطلعو البدري والوخري منو

فينقض اثنان من الشرطة عليه ويقتادانه الى سيارة النجدة فيصيح بهم

- مالكو متصربعين ، ايش في ؟؟

- ولا كلمة امشي وانت محترم بلاش نبهدلك قدام العالم

وهاجت الناس وماجت وبداوا بالضحك والصراخ والتصفير والتصفيق

- خذوه ادبوه

- خذوه خليه يتربى

- علموه قواعد السير خليه يعرف كيف يصف سيارتو

- تعيش الشرطة تعيش الحكومة

- الله ينصركو ع الظلمة والمتامرين

وهو يسمع كل هذا الكلام ويقول بصوت عادي

- انا حسين المحامي ما بتقدرو تاخذوني غصب

فيزيد حنق الشرطة عليه ويبداوا بضربه وهم يقولون

- حسين ولا عباس ، ما بتفرق عندنا

- محامي ولا نصاب كلو واحد

- هسا صرت محامي طيب دافع عن نفسك لنشوف

ويقتادونه الى المخفر بين تهليل وتكبير وهتاف وتصفير وتصفيق من قبل الجماهير الحاضرة التي لم تالوا جهدا في التاثير على الشرطة وتحريكها لفعل ذلك بطريقة عصبية رعناء

وفي غرفة الحجز يلتقي الاثنان ، صاحبنا احمد وحسين المحامي ، فيتعارفان ويبدان بالكلام

كان احمد منهكا من كثرة الضرب وبعض الدماء تسيل من وجهه ، واحدى عينيه مغلقة بسبب الانتفاخ الحصل فيها من شدة الضرب

يبدا حسين المحامي بالكلام ويسال احمد عن سبب الدماء في وجهه والانتفاخ في عينه فيقص عليه القصة من طقطق الى السلام عليكم وينهي كلامه

- يا استاذ ! سيارة مزعت قميصي ولبسوني اياها وبدهم اياني اشيلها غصبن عني ، كيف اشيلها مش سيارتي

- سيارة مين ؟

- واحد مخبول تركها وابصر وين راح

- ها ها ها

- ليش بتظحك ؟

- تعرف مين هو هذا المخبول ؟

- لآ

- انا

- يا سلام !

- ولا يهمك ؛ رح اخليك تطلع مبسوط من هون

- كيف ؟

- انا محامي مشهور اعطيني وكالة عشان اتابعلك قضيتك عند الدوائر المختصة

- اي قضية ؟

- بدك ترفع قضية ع الشرطة اللي ظربوك وجروك للنظارة بدون وجه حق ومع قضيتي انا كمان رح نخسرهم ونغرمهم مبالغ كثيرة

- اكيد !

- طبعا اكيد ، لازم تدافع عن حقك وتتابع قضيتك لاخر نفس ، انت شو خسران ؟ ما انت قاعد بلا شغل والله بعلم بحالتك المادية

- اه والله واخر شلن كان في جيبتي ظاع

- ولا يهمك . انا كمان شوي بطلع وبروح المستشفى وبعمل تقرير ضرب وبرجعلك منشان اطلعك ع المستشفى وبعملك تقرير ضرب كمان

- وبعدين

- نرفع قضيتك وقضيتي للمحكمة ونطالبهم بتعويضات كبيرة

- بتزبط بالك ؟

- توكل على الله

- وعليه الاتكال ، ان شاء الله تزبط انا شو خسران ؟

وما هي الا دقائق حتى يحضر شرطي وينادي

- السيد حسين

- نعم

- تفظل خروج

- ماشي

فيخرج المحامي امام سمع وبصر صاحبنا احمد وعاد خلال ساعة تقريبا فظن احمد انهم اعادوه الى الحجز اذ لا يعقل ان يكون خرج وعاد بهذه السرعة

وبدا احمد يحدث نفسه ’ وما يدريني انه محامي ؟ ربما يكون نصابا او زميل لاحد الشرطة ! هل يمكن لاحد ان يرفع قضية على الدولة ؟ هل نحن في اوروبا او امريكا ؟ مستحيل ! يجب تقبل الامر الواقع ، اذا اخرجوني من هنا بعد شهر بدون سجن اكون من السعداء

وبدات تراود احمد الافكار السوداوية وتاه فيها واشاح بوجهه تجاه الحائط وغرق في محيط الاوهام والتكهنات الى ان وقف الشرطي على باب الزنزانة وقال بادب : سيد احمد

لا ليس انا من يناديه ، انا لست سيدا لا بد انه شخص اخر محترم

ولكن المحامي نادى : يا اخ احمد الحدائقي !

- نعم نعم انا هو

- يللا تفضل معاي

- لوين

- زي ما حكيتلك

- يللا

فيخرج على حرج وهو لا يكاد يصدق انه يخرج

فيذهب به المحامي الى المشفى ويحضر له تقرير الاصابات والرضوض ، ثم يعود به الى الزنزانة ، ويخرجه بعد قليل بالكفالة حيث ان المدعي العام طالبه بقضية عدم الانصياع لاوامر الشرطة ومقاومة الاعتقال والتهجم على الموظفين على راس عملهم

وفي اليوم التالي كان الاثنان في المحكمة لرفع القضية المذكورة وتقديم الوثائق التي تثيت عدم الادانة والمطالبة بالتعويضات عن الضرر الذي اصابهما جراء تهور الشرطة وسذاجة بعض الافراد منهم ، فقرر القاضي فتح تحقيق في الموضوع وحبس المشتبه به الاول صاحبنا احمد على ذمة التحقيق

وفي الايام التالية تمكن المحامي من اخراج احمد من الحبس لتتم محاكمته بدون اعتقال حيث بدات تتبدى بعض الخيوط التي تثبت براءته ومنها ان الشرطي الاول باللباس المدني الذي بدا بضربه هو شرطي قديم مطرود من الخدمة بسبب تلبسه بقضايا رشاوى وما شابه

فتم البحث عنه واحضاره الى الحجز واخذ اقواله حبث تم اعتقاله

وما هي الا بضعة ايام حتى كان احمد الحدائقي يعمل في مهنته الاصلية التي توارثها ابا عن جد الا وهي تنسيق الحدائق

ويسكن في بيت جديد اشتراه من اموال التعويضات التي حكمت له المحكمة بها

ويركب ايضا سيارة جديدة ليست فارهة بل عادية ولكنها افضل من السير عللى الاقدام

يجدر بالذكر هنا ان احمد من اهل المساجد ، وكان يحفظ اجزاءا كثيرة من القران ، ويحفظ الكثير من الادعية الموروثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يترك قراءتهما طوال حياته سواء اثناء البحث عن عمل اوقبل ذلك او اثناء محنته ام بعد ذلك





وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)

وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ۗ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8)

وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9)

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10)

إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11) هود


وصلى الله وسلم وبارك على افضل خلقه اجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين



مصطفى الصالح

22\11\2009

نهاية سعبدة اليس كذلك ؟

سبحانك رب العزة سبحانك\إهداء إلى غزة





نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


بكت الشواطيء بحرك غزة
نزف الظل.. انسلخ من طرقاتك
وعلى حبل الفجيعة هرول البكاء خلف آلام تصارع لتعود أهوالا
تعصف بوجه الظُلَّام
كل النوافذ أُغلقت عند الصباح مع العشاء.. حتى الشوارع خلف كل باب أغلقت خطواتها
هو ذا الغروب يحصد لا يخاف.. يقترب من بوابات عطرك بعد ما اختال الأحمر على أوراقك
لا ماء.. لا رغيف.. خواء
حتى الهواء تدثر في نحيب رُسم على جدار أنفاس دمعك
اختبأت كل الملامح
لا شيء..
غير دخان وسط خيبة تدور حول فراغ متفسخ الذكرى
ومحنة باسطة ذراعيها على شدو عصافير الأمس.. تقتات غصة سال دمها على الأشجار أنهارا
تذكر أيها التراب أنه لم يكن هناك ماء.. وشرب العطش يومها.. أزكى الدماء
كانت الأيام تنزع قناع كآبتها حينما تزغرد في الأنحاء خيول الشهادة
تخرج من جعبة تاريخها لحظات امتزجت بملح الملح وشهقة المكلوم 

دير ياسين
تنهب الأرض لتنقذ قانا
كفر قاسم يسحب دلاء المعونة لغزة والجدار ممسك بدلوه حتى جنوب لبنان
يا بحر خفف من سعالك فالريح غرقت
والحرية خلف الوهم واقفة
وأشرعة الحلم هاربة
تكسرت ملامحها في الوجوه حتى آخر الدخان
الأفئدة على بعد نسمة تردد:
هبي يا رياح الجنة هبي..
مشانق من هباءٍ.. لكل بصيص تسول له نفسه.. ملامسة أسلاك شائنة.. متخفية.. تحت رداءِ غبارٍ.. يخترق الأزمنة
بطيئة تمضي أيام الكانون إلى حتفها..
حتى إذا ما التهب الفضاءُ.. وقاء سخطه.. توقفتْ.. على حافة المقصلة
تبتسم وسط البيوت حفرة تمطر من غادر الدار أبو صيام علم له نثر الريحان بعدما توشح شتاء الصبر
عالي شموخ الموج يخفق على طول ساحل الجرح يصرخ:
ورب العزة لنا غزة

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها



مصطفى الصالح

21\12\2010
__________________
الذكرى الثانية للحرب على غزة ( 27\12\2008)



الجمعة، 10 ديسمبر 2010

استهلاك بالمِثْلْ..

في حوارهما الموجع يقول الأجنبي أنتم تعيشون على ما نصدره لكم.. إذ لولانا لمتم جوعا!
يجيبه العربي وأنتم كذلك !!

الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

تصدير..


بلا اكتراث استمع إليهم وهم يتحدثون بالتتابع عن ميزات بلدانهم العلمية أو الصناعية مفتخرين بقدراتهم على تصدير منتوجاتهم
لم يتردد.. هتف بانفعال وقد جرفه الحماس : بلدي أكبر مُصَدِّرٍ للاِستهلاك في العالم!!..

صور من مدينة القمر

الجمعة، 3 ديسمبر 2010

عش الدبابير

عش الدبابير

أسير عبر الأيام في أخفض وأقدم مكان في العالم ، أرى علامات في جبين التاريخ واضحة، بعضها موغل في القدم وبعضها الآخر غض طري كأنما شُج للتو
لكنه ، بقوته وجبروته استطاع ربطها كلها وجرجرتها عبر الأزمان ، إلى أن أوصلها إلى يومي هذا ليقول لي : أنا هنا ما زلت منتصبا ، فأين أنت؟
لم تتغيري كثيرا يا عزيزتي ، رغم ما عانيت وقاسيت على مدارخط تاريخك المهيب، بعد عشرين عاما من تركك مجبرا ، ما زلت بذلك الألق والجمال، بعض الحجارة والصناديق اللاتي حطت رحالها في صدرك النابض بالحياة لم ولن تؤثر عليك، ما زالت وجنتاك تمتلئان بالورود والزهور الجميلة من كل لون وصنف تغري العاشقين وتحتضنهم
وأنا أسير على ذراعك أتلمس آثاري القديمة ، وأجتر الأيام الخوالي معك، أستمع إلى حفيف الشجر يحييني ويهز نفسه طربا لملاقاتي من جديد ويغازل نسمات المساء الجميلة العبقة بورود تاريخك ، وقمرك العتيق لم يتغير ، يداعب طيور المساء ؛ أم أنه ظهر فجأة لينير دربي كما كان يفعل من قبل، متناسيا المصابيح المشنوقة هنا وهناك على أعمدة حانية ما زال بعضها خشبي
وصلت إلى عينك التي تمد شرايينك بالدم اللازم لاِستمرار الحياة فيك ، ولكل من يطلب البقاء في حماك، فتغدقين على المطيع.. والمذنب، ما أكرمك
ثم تتصدقين بالباقي على النهر الذي سيموت حينما يبتلعه البحر الميت
على بعد أمتار من عينك الأزلية الهادرة كالشلال عشت أجمل أيام صباي

 
حيث كنا نمرح بمزج ماءك العذب الرقراق بالهواء النقي المحمل بشذى الرياحين الودودة، ويحتضننا شريانك إذا ما غضبت الشمس، فنبترد ونطفيء نارها رغما عنها
أضحكُ.. ولا زلت أضحك كثيرا عندما قرر أخي- الذي يصغرني عاما ويكبرني حجما – وأبناء عمتي في بستانهم اللعب بالنار
لا تفعل يا زهير
كونك أخي الاكبر لا يعطيك الحق أن تتحكم بي
هذا سيضرك كثيرا ، إنها مؤذية
إذا ابتعد ودعني
بجانب البيت الحديث المغتر بشبابه ما زالت هناك غرفة عملاقة، هرمة رفضت أن تتقاعد أو تستسلم للأيام وقبلت أن تؤوي ما لا يلزم إلا عند الضرورة، وأوت كذلك في أعلى جبينها وكرا للدبابير
الفضول الصبياني الأرعن رفض إلا أن يداعبها في عقر دارها التي لا يُعلم كم تخفي من أبناء جنسها
شجرة الكينا السامقة كانت مسرورة لتسلقنا إياها واللعب على أغصانها لكنها غضبت عندما بدأوا بقطع أغصانها الرقيقة الطويلة لاستخدامها في تهييج الدبابير
شعرتُ بالخطر وأنا أصرخ عليهم أن ابتعدوا عنها فلن تترككم تفلتوا بفعلتكم وهم في غيهم سادرون
أخذت جانب الحيطة، وما أن ابتعدت قليلا بنية التوجه إلى المنزل لاِخبار عمتي حتى أظلمت الدنيا وغابت الشمس وسمعت طنينا هادرا
ظننت الرعد ومن خلفه المطر قادم، ولكن بنظرة إلى خلفي رأيت سماء المنطقة قد استحال أسودا بطيور كالعصافير تنتشر بجنون في كل اتجاه
وبعد أن ذهبت الشمس للنوم ، واستيقظ المساء ، تجمل السمر للبالغين فأقبلوا عليه بشغف يتجاذبون أطراف الكلام وطرائف النهار ، ويتقاذفون ما لذ وطاب من الاشجار الوارفة ، يقذف بعضهم آلام قدميه إلى الماء في القناة الساحرة ويتندرون بالمغفلين من أبنائهم، غير آبهين للمتأوهين منهم من القرص، حيث ظهرت البثور كالحلمات على أجسادهم رغم العلاج السريع بالثوم...
هل ستقف هنا كالشجرة؟
ليتني شجرة في هذه الارض المباركة
هيا لنعد فقد انتصف الليل
وكذلك القمر .. لنعد



مصطفى الصالح
22\02\2010

ثرثرة الورد

نافذتي
ترتدي ستار صمت
يمنع جنون الريح
من العبث
بغرفتي القابضة على
لوعة شوق ضم
نبض نسيم.. يسري
في كسل عروق.. تهدلت
بحضن جذوع الورد
ذلك الخافض رأسه
إجلالا
لسلطان النوم
غافية تستلقي
قبلات الندى
خجلى تتقافز
كرات الضوء..
تمضي في وجنة صبح
استيقظ متثائبا..
ناشرا خيوطه..
شبكة تلون طيفا
جلس على عرش نهار..
قادم من مساء
يلملم كلمات تهز الوقت
بنشوة تعانق
تغرس بثرثرة الورد
حرف الرحيق:
صائمة لن أكلمك..
لا أسمعك

لن أفهمك..