الاثنين، 27 يونيو 2016

تركيا والحرب الباردة


في الوقت الذي تبحث فيه غزة عن خرم ابرة تتنفس منه يصر البعض على دعم المشروع الصهيوني بسد كل المنافذ عليها، والطعن فيمن ليس من واجبه تقديم المساعدة ومدح المتخاذلين من حكام وشعوب الوطن العربي الذين هم أولى بمساعدتها
ما فائدة تركيا من العداوة مع أكبر قوة في العالم وهي قوة اللوبي الصهيوني الإعلامية والتجارية؟
على الصعيد الإعلامي تعرضت تركيا وأردوغان على وجه الخصوص لحملة تشويه عالمية، وأعانهم فيها جماعة من الأعراب الجهال، استمرارا لمسلسل الخيانة والطعن من الظهر الذي حصل في بداية القرن الماضي، نتيجته واضحة حتى الآن، محصلة سايكس بيكو، ثلاث وعشرون دولة عربية غير متفقة، متأخرة في كل النواحي بلا اسثناء، ودولة تركية غدت من القوى العظمى في العالم وصاحبة كلمة سياسية وتجارية، فلماذا تضحي تركيا بكل هذا الآن؟ من أجل من؟ ما الذي يمكن أن تجنيه تركيا من دولة غير قائمة أصلا وليست على الخارطة العالمية، والأهم من هذا، أن هؤلاء الأعراب ليسوا صادقين في دعم القضية الفلسطينية، ولا في دعم أيا من قضاياهم المصيرية، الحكام مستعدون للتضحية بكل الشعوب من أجل الكراسي، وهذه الأمثلة شاخصة للعيان ليست بحاجة لبرهان
قيل قديما الذكي تكفيه الإشارة، والحاقد لن تقنعه ألف أمارة..
لا شك أيضا أن الوضع الاقتصادي لتركيا تأثر جراء حادثة السفينة مرمرة، ولكنها ظلت مصممة على شروطها الثلاثة؛ الاعتذار والتعويض ورفع الحصار عن غزة.. وقد تحقق الشرط الثالث اليوم، فأسقط في يد منظري الخيبات وعرابي المشاريع الغربية والساقطين في مستنقعات القومية والعلمانية والاستعمار
حتى الذين كانوا ينتظرون انجرار تركيا إلى حرب مع الروس فشلت كل مخططاتهم وتنبؤاتهم.. وقد قال أردوغان يومها أن هذا عرضي سينجلي مع الوقت، لكن من يسمع!
هكذا هي تركيا أردوغان اليوم، أسقطت الغرب ودسائسه، وعرت أذيالهم بكل جلاء..
أنا كعربي أستغرب من إصرار أردوغان على قضية غزة، بينما جدول أعماله الداخلي والخارجي طافح بأمور داخلية وسياسية تركية خارجية، لكن من يعرف خلفية أردوغان يعرف أنه صاحب مبدأ قويم، وكان قد سجن لمجرد شعر قرأه، وكان أيامها رئيسا لبلدية إسطنبول، لكن ذلك لم يثنه بل زاده عزما وإصرارا، هو صاحب قضية عالمية تتمثل في الإنسان، والمسلم على وجه الخصوص، فمن يملك مثل هذا الحس ومثل هذه القضية بين حكام العالم أجمع؟؟
لذلك هو قائد ملهم، يعمل 25 ساعة في اليوم لأجل رفعة وطنه، ثم المسلمين، ثم البشرية جمعاء..
ولكنه رئيس دولة ومصالح دولته فوق كل اعتبار، هو يقوم بواجبه على أكمل وجه، فبدل توجيه اللوم له توجهوا باللوم لحكامكم المهملين..